المسؤولية الاجتماعية من أهم المفاهيم المرتبطة بشكل وثيق بدور المنشآت بالقطاع الخاص في التنمية المستدامة، وأصبح من المبادئ التي يتطلع المجتمع إلى القطاع الخاص بالقيام في تحقيقها لمواجهة المشكلات الاجتماعية التي زاد تفاقمها وتأثيرها في العالم، وللمسؤولية الاجتماعية عدة مفاهيم، حيث عـرّفتها الغرفة التجارية الدولية بأنها جميع المحاولات التي تساهم في تطويع الشركات لتحقيق تنمية بسبب اعتبارات أخلاقية واجتماعية.
وتحرص غرفة الرياض على تفعيل دور القطاع الخاص في تعزيز المسؤولية المجتمعية المستدامة، وتعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية ومؤازرة قطاع الأعمال لتقديم المزيد من البرامج لدعم وتعزيز المسؤولية الاجتماعية.
وكانت الغرفة قد أعدت في وقت سابق دراسة حول دور القطاع الخاص في المسؤولية الاجتماعية، وأكدت الغرفة أن للمسؤولية الاجتماعية أهمية كبيرة في تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتشجيع المبادرات التطوعية لتغطية المجالات التنموية، والتشجيع على الإفصاح والشفافية للأنشطة ومخصصاتها، وتعزيز ودعم تضافر الجهود كافة في العملية التنموية.
وبينت الدراسة أن بعض الشركات لم تخصص إدارات أو أقساماً للمسؤولية الاجتماعية لتهدف إلى خدمة المجتمع بطرق مبتكرة ذات صلة بنشاط الشركة، في الوقت الذي تسند فيه 25% من هذه الشركات المسؤولية الاجتماعية إلى إدارة العلاقات العامة، بينما يقوم مجلس الإدارة بهذه المهمة بنحو 18% من الشركات والمؤسسات، وهو ما يدعم ما خلصت إليه الدراسة من أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية لا يزال غير واضح للكثير من الشركات.
وأشارت العديد من الدراسات إلى أن المسؤولية الاجتماعية وليدة متطلبات التنمية المستدامة، والشراكة في التنمية الاقتصادية بين الدولة والقطاع الخاص، وتعد مطلباً رئيساً لبناء مستقبل أفضل للأجيال المقبلة.
وأكدت الدراسة أن لتحقيق المسؤولية الاجتماعية أثاراً إيجابية في تحسين سمعة المنظمة وعلامتها التجارية، وزيادة المبيعات بسبب كسب ولاء المستهلكين لها، وزيادة قدرة المنظمة على جذب المستثمرين، والمساهمة برفع القيمة السوقية لأسهم المنظمة، نتيجة لتحسين سمعتها وزيادة مبيعاتها وزيادة إنتاجية موظفيها، وزيادة قدرة المنظمة على الاحتفاظ بموظفيها الأكفاء، وزيادة إنتاجيتهم، وتحقيق عوائد طويلة الأجل في الاستثمار الاجتماعي، وإتاحة الفرصة لابتكار واختبار منتجات وخدمات جيدة.
مبادئ المسؤولية
وهناك تسعة مبادئ رئيسة للمسؤولية الاجتماعية تستند إليها منظمات الأعمال عند قيامها بدورها المجتمعي حتى تحقق أهدافها، وهذه المبادئ هي الحماية، وإعادة الإصلاح البيئي وذلك بتقديم منتجات تعزز مبدأ التنمية المستدامة، تطوير وتطبيق الممارسات الأخلاقية المتعلقة بالتعامل مع أصحاب المصلحة والتعلقة بالسلوك الوظيفي بشكل عام، تفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبة بالكشف عن البيانات وتقديم المعلومات الضرورية لطالبيها من أصحاب المصلحة في أي وقت يحتاجونها لاتخاذ القرارات، بالإضافة إلى تقوية وتعزيز السلطات لتحقيق الموازنة بين مصالح المستخدمين والعملاء والمستثمرين والموردين والمجتمع وغيرهم من أصحاب المصلحة، الأداء المالي والنتائج لتعزيز النمو المستدام مع المحافظة على الأصول والممتلكات، مواصفات موقع العمل، وذلك باعتبار العاملين شركاء بالعمل واحترام حقوقهم وتوفير بيئة عمل آمنة ومحفزة للإنتاجية وخالية من المضايقات، العلاقات التعاونية فمن الضروري اتسام ممارسات منظمات الأعمال بالتعاون والتنسيق المتكامل مع مختلف الشركاء، المنتجات والخدمات ذات الجودة، وأخيراً الارتباط الاجتماعي عن طريق تعميق العلاقات مع المجتمع، والشراكة المجتمعية لجعله المكان الأفضل لممارسة الأعمال.
المعوقات
وكانت الدراسة الميدانية على عينة عشوائية مختارة من منشآت القطاع الخاص، بمنطقة الرياض قد توصلت إلى تحديد عدد من المعوقات الإدارية والفنية التي يواجهها القطاع الخاص في أداء المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع، تمثلت في عدم وجود خطط واستراتيجيات واضحة لممارسة المسؤولية الاجتماعية، ونقص برامج التوعية بالدور الاجتماعي للقطاع الخاص، ونقص الحوافز المخصصة لأصحاب الأعمال لتحفيزهم على المساهمة في أداء المسؤولية الاجتماعية.
وحددت الدراسة عدة عوامل لإنجاح برامج المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال، تمثلت في ضرورة اعتقاد المنظمة بأهمية قضايا المسؤولية الاجتماعية نحو المجتمع، وأن تكون هناك قناعة ويقين من قبل كل مسؤول فيها ابتداء من أصحاب المنظمات وكافة العاملين فيه، وأن تقوم المنظمة بتحديد رؤى واضحة نحو الدور الاجتماعي الذي تريد أن تتبناه والقضية الرئيسة التي ستسهم في معالجتها، والمبادرة التي ستقدمها للمجتمع، وأن يصبح هذا النشاط جزءاً رئيساً من أنشطة المنظمة يتم متابعته من قبل رئيسها التنفيذي، وجوب تخصيص مسؤول متفرغ داخل المنظمة لهذا النشاط، وضرورة التنسيق مع الجهات المماثلة وذات العلاقة قبل البدء بتطبيق برامج المسؤولية الاجتماعية.
تجارب
واستعرضت الدراسة لعدد من التجارب العملية في عدد من المنظمات والشركات لتطبيق المسؤولية الاجتماعية شملت عدداً من البنوك والشركات داخل المملكة، من بين هذه التجارب تجربة غرفة الرياض، حيث أشارت الدراسة إلى أن غرفة الرياض اتجهت نحو أداء المسؤولية الاجتماعية تجاه المجتمع، وجعلت ذلك من أولويات مهامها، حيث انطلقت من الغرفة أول لجنة لأصدقاء المرضى في المملكة امتدت اهتماماتها لدعم الجمعيات والمراكز الخيرية والإنسانية.